منوعات

حفل اختتام مشروع بيريت محطة أساسية في مسار إنعاش الصناعات الثقافية والإبداعية في بيروت

أُقيم اليوم في متحف سرسق حفل اختتام مشروع “بيريت” لإعادة تأهيل المساكن والتراث الثقافي وإنعاش الصناعات الثقافية والإبداعية في بيروت، والذي شكّل محطة أساسية في دعم تعافي القطاعين الثقافي والإبداعي في المدينة بعد انفجار مرفأ بيروت عام 2020. جمع الحدث أصحاب المصلحة الرئيسيين، بمن فيهم المستفيدون من المشروع، وممثلو الصندوق الائتماني المخصص للبنان (LFF)، ومنظمة اليونسكو، وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-Habitat) والبنك الدولي، ومسؤولون من الحكومة اللبنانية.

نُفذ مشروع “بيريت” من قبل برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية بتمويل من الصندوق الائتماني المخصص للبنان، وهو صندوق ائتماني متعدد المانحين يديره البنك الدولي، في حين تولت منظمة اليونسكو الإشراف على مكوّن الصناعات الثقافية والإبداعية ضمن المشروع. وقد شكّل هذا المشروع محورًا أساسيًا في جهود التعافي وبناء القدرة على الصمود في المشهد الثقافي البيروتي، إذ ساهم في دعم إعادة إحياء الهوية الثقافية للمدينة بالتوازي مع جهود إعادة الإعمار والدعم المقدم للمؤسسات الصغيرة.

قدّم المشروع 139 منحة بقيمة إجمالية بلغت 1,700,700 دولار أمريكي، استفاد منها مجموعة واسعة من الفاعلين والجهات الثقافية والإبداعية عبر ستة مجالات رئيسية: التراث الثقافي غير المادي، الأدب والصحافة، التراث والسياحة، الفنون البصرية، الفنون الجميلة والحرف اليدوية، والفنون الأدائية. شكّلت هذه المنح منصة للنمو والتطور المهني، وأتاحت الفرص للفئات المهمّشة والأفراد لمواصلة عملهم واكتساب مهارات جديدة والمساهمة في إثراء المشهد الثقافي المتجدد في بيروت.

ركّزت مِنح الصناعات الثقافية والإبداعية ضمن مشروع “بيريت” على دعم الشباب من ذوي الدخل المحدود، والنساء، والأشخاص ذوي الإعاقة، وكبار السن، وغيرهم من الفئات المهمّشة في المجتمع الثقافي والإبداعي في بيروت. وقد جرت مراجعة المقترحات المقدّمة من خلال لجنة من الخبراء المستقلين البارزين في مجالات الصناعات الثقافية والإبداعية في لبنان، وتم اختيار المشاريع بناءً على معايير ترتكز على قدرتها في المساهمة بإنعاش الأحياء المتضررة، وتعزيز التنمية الاقتصادية والقيمة الاجتماعية، فضلاً عن جدواها التقنية.

قالت معالي السيدة لورا لحود، وزيرة السياحة:

“بفضل الدعم المستمر من شركائنا الدوليين، وُلدت مبادرة BERYT كعزيمة مشتركة لإعادة بناء ليس فقط المساحات المادية ولكن روح مدينة. لقد أدركت ما نعرفه دائمًا: أن روح بيروت تعيش في فنانيها، ومبدعيها، وحكائيها. قد ينتهي مشروع BERYT الليلة، لكن إرثه يعيش في كل مساحة تم ترميمها، وفي كل حلم تم إحياؤه، وفي الروح التي لا تنكسر لمدينة ستظل دائمًا تنهض، وستظل دائمًا تخلق، وستظل دائمًا تلهم.”

تميّز الحفل بعروض ومعارض للمستفيدين من المنح، حيث عرضوا أعمالهم الإبداعية، ما يعكس التنوع والحيوية في الإنتاجات الثقافية في بيروت. تشكّل هذه المعارض شهادة حيّة على أهمية الصناعات الثقافية والإبداعية، ليس فقط في الحفاظ على التراث الثقافي، بل أيضًا في خلق سبل عيش مستدامة للفنانين والعاملين الثقافيين. ولعب المشروع دورًا أساسيًا في بناء القدرات، وتعزيز النمو المهني، وضمان استدامة القطاعات الإبداعية على المدى الطويل.

قالت كوستانزا فارينا، مديرة مكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت:

” الصناعات الثقافية والإبداعية ليست مجرد رفاهية، بل تشكل عنصرًا أساسيًا في تعزيز الحوار الاجتماعي، وتوفير فرص العمل، وبناء السلام، كما تُعتبر قوة ديناميكية في تعزيز التماسك الاجتماعي والتنمية المستدامة. ولهذا السبب تضع اليونسكو الثقافة في صميم رسالتها.

إنّ نجاح هذا المشروع هو بمثابة تحيّة لتصميم المجتمع الثقافي في لبنان والطاقة الإيجابية التي يتمتع بها. لقد شهدنا كيف يحوّل الفنانون والمهنيون الثقافيون التحديات إلى أشكال قوية من التعبير، والخسارة إلى إبداع ذي معنى. يمكنهم مساعدة المجتمعات على التعافي، والمجتمعات على المضي قدمًا.”

قال جان كريستوف كاريه، المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي:

“بفضل الدعم السخيّ من مانحي الصندوق الائتماني المخصّص للبنان – كندا، والدنمارك، والاتحاد الأوروبي، وفرنسا، وألمانيا، والنرويج – لعب مشروع بيريت دورًا أساسيًا في إحياء المشهد الثقافي في بيروت واستكمال الدعم المقدّم لتعافي الأفراد والشركات المتضررة من الانفجار.”

تضمّن الحدث أيضًا جولة على عدد من المباني التراثية التي يجري تأهيلها حاليًا ضمن المشروع في بيروت، مسلّطًا الضوء على كيفية دمج إحياء الثقافة في مسار التعافي الحضري الأشمل. يبرز هذا الربط بين إعادة الإعمار المادي والتعافي الثقافي الإمكانيات الكبيرة للصناعات الثقافية والإبداعية في إحداث تغيير اجتماعي واقتصادي إيجابي، وفتح الفرص الشاملة للشباب والنساء والفئات المهمّشة في الاقتصاد الإبداعي.

وبينما نحتفي بإنجازات مشروع “بيريت”، يتّضح جليًا أن مستقبل الصناعات الإبداعية في بيروت يعتمد ليس فقط على التعافي، بل أيضًا على الاستثمار المستمر في تطوير المهارات وفتح آفاق جديدة. ومن خلال الاستثمار في هذه القطاعات، نضمن لبيروت أن تبقى منارة للتعبير الثقافي والابتكار، حيث يتمكّن المجتمع الإبداعي من قيادة مسيرة بناء مستقبل أكثر إشراقًا ومرونة.